تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: 1- نبذة عن تاريخ الشهابيين قبل قدومهم الى وادي التيم . الثلاثاء يوليو 17, 2007 11:53 am | |
|
1- نبذة عن تاريخ الشهابيين قبل قدومهم الى وادي التيم .
يعود نسب الشهابيين الى الحارث بن هشام بن المغيره سيد بني مخزوم وكانت قبيلة قريـش تسود في مكة وهي تتألف من افخاذ أي فروع منها بنو هاشم الذين ظهر منهم النبي محمد . ومن بني هاشم ظهر السلطان حسين بن علي شريف مكه الذي وقف الى صف الحلفاء خلال الحرب العالمية الاولى وتحالف معهم ضد الاتراك العثمانيين وابناؤه الملك فيصل الاول الذي نصب ملكا على سوريا خلال عامي 1918 و1919 ثم ملكا على العراق بعد ذلك وابنه غازي الاول وحفيده الملك فيصل الثاني .
ومن أبناء السلطان حسين بن علي الملك عبد الله ملك الاردن وابنه الملك طلال وابنه الملك حسين وابنه الملك عبد الله الثاني الملك الحالي للمملكة الاردنية الهاشمية .
ومن قريش ايضا بنو امية الذين انشأوا الدولة الاموية في الشام وكان منهم الخلفاء معاوية ابن ابي سفيان وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك الخ …
وكانت مخزوم من اهم فروع قريش فهي اكثرهذه الفروع ثراء واشدها بسالة في الحروب ، "اذ كان يقال لمخزوم بيت المال وأعنة الخيل" ، فكانت مخزوم تكسو الكعبة سنة وتكسوهـا باقي قريش سنة. ومن بني مخزوم الفاتح خالد بن الوليد والشاعر عمر بن ابي ربيعة.
بعد وفاة النبي بزمن قصير قرر الخليفة الاول ابو بكر الصديق فتح بلاد الشام ، فجهز لذلك اربعة جيوش فكان جدنا الحارث بن هشام على رأس احد هذه الجيوش ، فسارت الجيوش الاربعة شمالا الى ان وصلت الى محلة اليرموك في فلسطين ، وكان الروم البيزنطيون قد حشدوا جيوشهم للمواجهة ، فتلقى خالد بن الوليد امرا من الخليفة ابو بكر الصديق بالتوجه من العراق الى اليرموك لادارة المعركة ، وعندما وصل خالد الى اليرموك وحد الجيوش الاربعة وخاض المعركة بجيش واحد وحقق انتصارا كبيرا .
وبعد هذا الانتصار فتحت امام العرب ابواب سوريا فتابع جيشهم زحفه شمالا وكان جدنا الحارث بن هشام من قادة هذا الجيش وقد استشهد في حصار دمشق عام 633 ميلادية ، فأعلنت قريش الحداد فتولى بعده ابنه الامير مالك الذي استقر مع قبيلته في شهباء في جنوب سوريا وبسط سيطرته على حوران .
وقد لقب الامير مالك بشهاب تيمنا بجده شهاب بن زهرة القرشي نسيب آمنه ام الرسول .
وقد استقر بنو شهاب في حوران في وسوريا زهاء ستة قرون أي حتى عام 1170 ميلادية وكانوا محافظين دائما على قدرتهم العسكرية ويشاركون في الحروب التي يخوضها الخلفاء الامويون ومن بعدهم الخلفاء العباسيون .
2- اسباب قدوم الشهابيين الى وادي التيم .
فـي ذلــك الحين كان يحكم سوريا السلطان نور الدين زنكي احد سلاطين الايوبيين ، وكان الشهابيون يميلون لنسيبه صلاح الدين الايوبي الذي كان من ابرز قادة نور الدين .
وقد كلف نور الدين زنكي صلاح الدين الايوبي بالتوجه على رأس جيش الى مصر لقمع تمرد وقع فيها ، فزحف صلاح الدين الى مصر على رأس جيش كبير ووضع حدا للتمرد وتولى الحكم فيها . ولم يعد صلاح الدين الى دمشق رغم توجيه نور الدين الاوامر اليه بالعودة ، فوقعت النفرة بين نور الدين وصلاح الدين . ولما كانت هناك علاقة متينة تربط بين الشهابيين وصلاح الدين فقد جمع الامير منقذ الشهابي اركان القبيلة وحكماءها وباح لهم بالقلق الذي يساوره بعد وقوع الخلاف بين نور الدين وصلاح الدين واعلمهم بالضغوط التي تمارس عليه للانحياز الى جانب نور الدين . وبعد ان تشاور الامير منقذ مع حكماء العائلة تم الاتفاق على الرحيل من حوران .
توجهــت قبيلة بني شهاب جنوبا حتى وصلت الى جسر بنات يعقوب في فلسطين ، وعندما علم نور الدين بذلك بعث باحد قادته رسولا الى الامير منقذ حاملا اليه هدايا من السلطان نور الدين ودعاه للعودة الى حوران ، وبعد ان تشاور الامير منقذ مع اركان القبيلة في هذا الشأن قرر الجميع بان العودة الى حوران تمس بكرامة القبيلة التي قررت ان تكون على الحياد في الخلاف الناشب بين نور الدين وصلاح الدين ، كما ابلغوا رسول نور الدين بان الشهابيين مستعدون للقتال ضد الاعداء ولكنهم لا يرغبون بالانحياز لاحد في الخلاف القائم بينه وبين صلاح الدين . وبعد ان تبلغ نور الدين هذا الجواب ارسل الى الشهابيين رسالة ثانية حثهم فيها على العودة والاقامة في مدينة دمشق ، ولكنهم ابلغوا الرسول بان الشهابيين لا يرغبون سكنى المدن والامصار بل سكنى القرى والقفار ، وذلك للحفاظ على الروح العسكرية التي كانوا يتحلون بها .
وبعد ذلك ، تابع الشهابيون مسيرتهم ونصبوا خيامهم في في اول وادي التيم من جهة الشرق قرب بلدة راشيا الوادي .
وان وادي التيم سمي بهذا الاسم نسبة الى الامير تيم بن عبد الله التنوخي الذي كان يحكم هذا الوادي قبل مجئ الفرنجة اليه .
وان هذا الوادي يمتد من وادي الحرير حتى شواطئ بحيرة طبريا في فلسطين ، وكان وادي التيم قد وقع في يد الفرنجة قبل ستة وخمسين عاما من وصول الشهابيين اليه ، وكان الفرنجة قد اقاموا فيه قلاعا وحصونا .
وعندما علم الفرنجة بقدوم الشهابيين الى وادي التيم طلب حاكم حاصبيا الفرنجي كونت دي تور ( قنطورة ) مساعدة حامية قلعة الشقيف وسار على رأس جيش جرار لمواجهة الشهابيين .
وقد نشبت المعركة الاولى بين الشهابيين والفرنجة في ظهر الاحمر قرب راشيا وقاتل الشهابيون فيها ببسالة ، ورغم تفوق جيش الفرنجة من حيث العدد والعدة فقد حقق الشهابيون نصرا كبيرا وسقط من جيش الفرنجة ثلاثة الاف قتيل مقابل خمسمائة من مقاتلي الشهابيين الذين دخلوا الى بلدة راشيا وسيطروا على الحصن الذي كان الفرنجة اقاموه فيها وكان ذلك عام 1171 ميلادية .
واثر معركة ظهر الاحمر انسحب من بقي حيا من الفرنجة الى حاصبيا واحتموا في قلعتها فتبعهم الشهابيون وحاصروا البلدة وعندما ارادوا اقتحامها امطرهم الفرنجة بوابل من السهام فتراجعوا وبنوا سورا بارتفاع قامة الانسان واحتموا به واخذوا يرمون الفرنجة بالسهام . ولكن الفرنجة راحوا يرمون الشهابيين بالحجارة والصخور بواسطة المنجنيق .
وخلال الليل اقتحم مقاتلوا الشهابيين بلدة حاصبيا واحتلوها .
وبعد بضعة ايام احتلوا قلعة حاصبيا واسروا من بقي حيا من حاميتها .
وارسل الامير منقذ الى السلطان نور الدين ينبئه بهذا الانتصار . فما كان من هذا الاخير الا ان بعث الى الامير منقذ برسالة هنأه فيها على انتصاره واقره في حكم البلاد التي فتحها بحد السيف . وهكذا ابتدأ حكم الشهابيين لوادي التيم .
3- في تحالف الشهابيين مع المعنيين .
قبل قدوم الشهابيين الى وادي التيم ببضع سنوات حطت قبيلة صغيرة رحالها في البقاع قادمة من جهات حلب وحملت اسم اميرها معن . وكانت هذه القبيلة من بني ربيعة وبعد فترة وجيزة تلقت هذه القبيلة امرا من نور الدين بالانتقال من البقاع الى قمم جبل لبنان لمواجهة الفرنجة الذين كانوا يسيطرون على المدن الساحلية . فاستقرت قبيلة معن في الشوف ، وقد تنازل الامير معن عن حكم الشوف الى ابنه الامير يونس . وعندما علم الامير يونس بالانتصار الذي حققه الشهابيون على الفرنجة في وادي التيم ذهب على رأس وفد كبير الى حاصبيا لتهنئة الشهابيين بهذا الانتصار . وبعد مدة قام الامير منقذ برد الزيارة الى الامير يونس في بعقلين وعقد الاثنان حلفا سياسيا وعسكريا ، كما تم زواج ابنة الامير يونس بابن الامير منقذ ، وابنة الامير منقذ بابن الامير يونس ، وهكذا تكرس الحلف السياسي بروابط عائلية بين القبيلتين استمرت قرونا عديدة . وبعد اربعين سنة على احتلال الشهابيين لحاصبيا حاول الفرنجة استعادة منطقة وادي التيم حاشدين جيشا كبيرا فوقعت في سهل مرجعيون معركة قاسية استطاع الشهابيون فيها ، بعد قتال مرير ، تحقيق الانتصار على الفرنجة الذين تراجعوا الى حصونهم في قلعتي الشقيف وتبنين .
وفي القرن الثالث عشر الميلادي اجتاح المغول بجيوشهم الجرارة منطقة وادي التيم وهم في طريقهـم الـى فلسطيـن فلجـأ الشهابيـون الى الشوف . وقد قام المغول باحراق قرى وادي التيـم وارتكــاب المجازر فيها ، فظلت هذه القرى مهجورة طوال خمس سنوات ولم يعد
الشهابيون اليها الا بعد ان لحقت الهزيمة بجيوش المغول على يد المماليك في معركة عين جالوت في فلسطين .
وخلال عام 1516 وصلت جيوش العثمانيين بقيادة السلطان سليم الاول الى شمال سوريا ، فما كان امام المماليك الا ان يحشدوا جيوشهم لمواجهة العثمانيين بقيادة السلطان قانصو الغوري ، فوجه هذا الاخير الدعوة الى جميع امراء ومشايخ البلاد بان يحشدوا قواتهم للدفاع عنها في مواجهة الغزو العثماني ، وتلبية لدعوة قانصو الغوري سار كل من الامير فخر الدين الاول امير الشوف والامير منصور الشهابي امير وادي التيم الى مكان المعركة ، وبعد انتصار العثمانيين على المماليك في معركة مرج دابق في شمال سوريا اقر السلطان سليم الاول الامير فخر الدين الاول في حكم الشوف والامير منصور الشهابي في حكم وادي التيم .
وعندما تولى الامير فخر الدين الثاني الكبير حكم الشوف جدد الامير علي الشهابي امير حاصبيا المعاهدات التي كانت تجمع بين العائلتين كما قام الاثنان بالتشجيع على عقد زيجات جديدة بين هاتين العائلتين .
وعند عودة الامير فخر الدين الثاني من توسكانا وجد ان النزاعات بدأت تدب بين حلفائه ومن هذه النزاعات الخلاف الذي قام على حكم وادي التيم بين حليفه الامير على الشهابي وبين شقيقه الامير احمد ، اذ احتكم الاثنان للامير فخر الدين لحل هذا النزاع .
وانتقل الامير فخر الدين على رأس وفد كبير الى حاصبيا لاجراء المصالحة بين الشقيقين، هذه المصالحة التي توثقت بتحالف بين الشقيقين والتي نتج عنها تقسيم وادي التيم الى منطقتين : منطقة حاصبيا يحكمها الامير على الشهابي ومنطقة راشيا يحكمها الامير احمد الشهابي .
وقد كان الاميران الشهابيان حليفين مخلصين للامير فخر الدين في جميع الحروب التي خاضها .
وعام 1624 نشبت الحرب بين الامير فخر الدين ووالي الشام العثماني فكانت معركة عنجر التي ابلت فيها جيوش الشهابيين بقيادة الاميرين علي واحمد بلاء حسنا والتي انتهت بانتصار الامير فخر الدين واسر الوالي العثماني مصطفى باشا ثم اطلاق سراحه .
وإثر ذلك، جردت الدولة العثمانية حملة عسكرية واسعة على الشوف ادت الى اعتقال الامير فخر الدين وابنائه ، فلم يبق من افراد عائلته سوى الامير ملحم المعني الذي تمكن من انتزاع الحكم في الشوف من آل علم الدين . وعندما علم الباب العالي بذلك ، والذي كان يعتقد حتى ذلك الحين بان حكم المعنيين قد انتهى ، امر باعدام الامير فخر الدين وابنائه الذي كان يعتقلهم في الاستانة عاصمة الدولة العثمانية .
ولم ينته الامر مع الامير ملحم المعني وابنيه احمد وقرقماز اذ وجه والي الشام حملة على منطقة وادي التيم فانتزعها من الشهابيين وولى عليها آل علم الدين ، وبعد ذلك هاجم الشوف من جديد واستمر في الضغط على الاميرين احمد وقرقماز المعنيين حتى جبيل . اما الشهابيون فقد رحلوا من حاصبيا الى جهات حلب ، وكذلك الامير احمد المعني الذي استمر مختفيا عن الانظار . اما شقيقه قرقماز فقد استدرجه والي الشام وقتله .
وبعد انقضاء عدة سنوات تبدلت الاحوال فعاد الامير احمد المعني الى الشوف ، وعاد الشهابيون الى وادي التيم .
وبعد ان استعاد الامير احمد المعني الحكم على الشوف توفي عام 1697 دون ان يخلف ابنا ذكرا ، عند ذلك اجتمع امراء ومشايخ الشوف في مرج السمقانية واتفقوا على مبدأ خلافة المعنيين وهو ان يخلفهم في الحكم اقرب الامراء للامير احمد المعني آخر الامراء المعنيين .
ولما كان الامير حيدر ابن الامير موسى الشهابي امير حاصبيا هو اقرب الامراء للامير احمد المعني كونه حفيده ابن ابنته الاميرة قطر الندى ، فقد اعتبر الامير حيدر صاحب الحق في خلافة جده لامه الامير احمد المعني .
ولما كان الامير حيدر الشهابي صغير السن فقد تم الاتفاق على ان يتولى الحكم في الشوف الامير بشير الاول ابن الامير حسين الشهابي امير راشيا وذلك حتى بلوغ الامير حيدر سن الرشد .
وهكذا كان فقد بدأ حكم الشهابيين للجبل عام 1697 اذ تولى الامير بشير الاول الامارة بضع سنوات ، وبعد ان توفي الامير بشير الاول كان الامير حيدر قد بلغ سن الرشد فتولى الحكم في الجبل ، وهكذا انتقل الحكم الشهابي من وادي التيم الى جبل لبنان ايضا .
هذه لمحة عن المرحلة التاريخية لحكم الشهابيين التي تبتدئ من تاريخ حكمهم في حوران عـام 633 وحتى حكمهم لجبل لبنان 1697 الذي استمرّ لغاية 1842 .
| |
|